مقالات

يتشربون الفتن عودا عودا

يتشربون الفتن عودا عودا

 

لا شك أننا نعيش في زمن فتن تعصف بالعقول،وتجعل الحليم حيرانا،ولا عاصم منها إلا الاستمساك بكتاب الله وسنة رسوله _صلى الله عليه وسلم_الذي حذرنا من هذه الفتن فقال :((تُعْرَضُ الفتن على القلوب؛ كالحصير عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَ فيه نكتةٌ سوداء، وأيُّ قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا، فلا تضره فتنةٌ ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مُرْبَادًّا؛كالكوز مُجَخِّيًا، لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هواه)
فالفتن تبدأ مثل الشبهة صغيرة لا يشعر الشخص بها،فيشربها القلب ثم تأتي أخرى وهكذا حتى يتحول القلب إلى قطعة سوداء ،لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا.
والناظر إلى ما حدث في أوطاننا من فتن والفرق التي قادتها ،يعلم تطابق الحديث عليهم تماما، وإن كانت فتنتهم قد بدأت مبكرا منذ تأسيس فرقة الإخوان الذي اعتبر مؤسسها أفراد جماعته أصحاب رسول الله وهم الفرقة الناجية والطائفة المؤمنة والجماعة الربانية،مفضلا جماعته على سائر المسلمين، متأسيا في عود الفتنة الأول بذي الخويصرة الذي رأى لنفسه الفضل على أصحاب النبي _رضوان الله عليهم_بل وعلى النبي _صلى الله عليه وسلم _ عندما لم تعجبه قسمة النبي وقال له :اعدل يا محمد.
تبعه عود ثان وهو تكفير حكام المسلمين،واعتبار مجتمعات المسلمين مجتمعات جاهلية،ومن ثم الدخول معهم في صراعات أضرت بالمجتمع والدولة معا،
ربما كان هذان العودان أكبر الأعواد، وظلا زمانا مسيطرين على الجماعات ،ومن خلالهما كان الصراع.
وبعد فتنة يناير تشربت القلوب أعواد أخرى من الفتن ،ولكنها كانت متسارعة و نابعة من العودين الأولين،فطالما أننا الطائفة المؤمنة فنحن الأحق بالسلطان،فكانت مغالبة على المناصب لا مشاركة كما يدعون،وإذا نازعونا السلطان ،وحاولوا انتزاعه منا (فمن يرش مرسي بالميه هنرشه بالدم)،ثم فتنة الاعتصام غير الشرعي في رابعة والنهضة،والخطاب التكفيري العنيف على منصاتهما،ونشر الأكاذيب،والشائعات،لتثبيت الشباب في معركة خاسرة للمتاجرة بدمائهم.
ثم الدعوة إلى تفجير أبراج الكهرباء ،وتفجير سيارات الشرطة وتبرير ذلك بأنه بعيد عن قتل النفس! ثم الانتقال إلى عود آخر للفتنة والدعوة لقتل القضاة عندما أفتى أكرم كساب بقوله:القضاء على قضاة العسكر فريضة شرعية وضرورة ثورية.
تلاها الدعوة إلى قتل الجنود والضباط،وتشكلت اللجان النوعية (حسم وألوية الثورة)لتنفيذ الاغتيالات، ثم فتنة التشكيك في كل إنجاز على أرض الوطن،والشماتة فيما يصيب الوطن وأبناءه من مصائب،والانحياز إلى أعداءه الذين يوفرون لهم المأوى والدعم ،حتى تحول مشاهدة الأكاذيب التاريخية في أرطغرل وعثمان من وصايا بعضهم للآخر.
كل هذه الأعواد من الفتن تشربتها قلوبهم عودا عودا ،فتحولوا إلى خونة للوطن ،وطابور خامس يتمنى هزيمة جيش وطنه !،واحتلال الأتراك لبلاده!
فصدق فيهم وصف نبي الإسلام _صلى الله عليه وسلم_ لقلوبهم :وأخر أسود مربادا،كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ،ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق