مقالات

الاختيار… ليس مجرد عملا فنيا

الاختيار... ليس مجرد عملا فنيا

بقلم: خميس الجارحي

في حياة كل إنسان اختيارات كثيرة، يختارها نتيجة ما تراكم وترسخ لديه من أفكار،فذلك الضابط البطل والجندي الشجاع،ترسخ لديه حب الوطن ،والزود عن حياضه،علم فضل الشهادة في سبيل الله،إيمانه إيمان فطري لم يتلوث بأفكار ضالة،بارا بوالديه ،محبا للناس ،فاعلا للخير،محبا لزملائه وقادته ،لم تمتلئ نفسه بغل أو بغضاء،شديد الحب لوطنه و- ربما لم يستفد من خيراته-،عندما جاءت لحظة التضحية بالروح قدم نفسه رخيصة لدينه ووطنه،كان المثل والقدوة ،ولا أبالغ إذا قلت أن هذه النماذج تبشر بنصر مبين قادم بإذن الله على العدو الرئيس الذي يختفي خلف هؤلاء التكفيريين الخوارج.

أما ذلك التكفيري الخارجي فكان اختياره ناتجا أيضا لترسخ وتراكم أفكار ضالة ،مثل الحاكمية والعدو القريب والاستعلاء بالإيمان،فبالحاكمية كفر المسلمين حكاما ومحكومين! ،وبفكرة العدو القريب ذهب يقاتل جيوش المسلمين وترك العدو الذي يحتل بلادهم،بحجة أنهم الذين يمنعونه عن العدو البعيد!،وبفكرة الاستعلاء بالإيمان ظن هو وجماعته أنهم المؤمنون حقا،وأنهم جنود الخلافة ومحققوها!
تلك الأفكار التي جعلته يخون جيشه الذي تربى فيه بل ويكفره ويكفر قادته وجنوده،فصدق فيه قوله-تعالى-(قل هل ننبأكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
وكثيرا ما تجد هذين النموذجين في كل حي وكل مؤسسة بل ربما في البيت الواحد،فكم من منسي وعشماوي بيننا!
لقد تجاوز مسلسل الاختيار كونه عملا فنيا محترما مبدعا،إلى كونه مواجهة فكرية حقيقية لهذه الأفكار،متفوقا في ذلك على مؤسسات ماتزال يدها مرتعشة في هذه المواجهة،فقد رد الاعتبار لابن تيمية -رحمه الله-الذي حاول التكفيريون جذبه لصفوفهم زورا وبهتانا بالرغم من أن فتاويه ومواقفه مع الدولة،ويسمي المواجهين لها بالمصطلح الشرعي الذي لا يحبون سماعه(الخوارج).

لقد استطاع الاختيار أن يوثق جرائم التكفيريين في سيناء وغيرها في تلك المرحلة،ومع اتساع رقعة المشاهدة على مستوى الوطن العربي أرى أن هذا التوثيق ينقذ كثيرا من الشباب من الوقوع في براثن هذه الجماعات الضالة، وتلك وظيفة الفن الهادف ،وما أكثر قضايا الأمة التي يستطيع الفن التعبير عنها ،بعيدا عن التفاهات التى لا نجني من ورائها إلا ضياع للوطن وأبنائه.

وفي النهاية لابد من الإشادة بكل المشاركين في العمل ،ولاسيما المؤلف صاحب الحوار ،فقد كان الحوار سلسا معبرا عن الفكر والوجدان بإجادة تامة.

حفظ الله مصر وشعبها وجيشها ووقى بلادنا من الفتن.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق