حواديت الساعة

لا تعدموا محمد راجح !!

أصوات كثيرة جدا تدعو لإعدام محمد راجح الذي أقل ما يوصف به أنه بلطجي أودى بحياة شاب في مقتبل العمر يدعى “محمود البنا” لمجرد وقوفه في وجه سفالته تجاه فتاة فكانت النتيجة موته شهيدا وتحوله إلى بطل قومي يفخر به كل بيت في مصر وتخلد كل أسرة مصرية ذكراه بل أن اسمه سيكتب بحروف من نور في كتب التاريخ عن قصة شاب شهم أفقده بلطجي حياته لحمايته لفتاة مستضعفة.

تطالب هذه الأصوات بتغيير قانون الطفل الذي يجعل من راجح الذي لم يبلغ عامه ال 18 حتى الآن طفلا أمام القانون، وأقصى عقوبة من الممكن أن يحصل عليها هو السجن لمدة 15 عام فقط، وهي عقوبة من وجهة نظر الجميع بسيطة مقارنة بحجم الجرم الذي ارتكبه.

عذرا اختلف معكم، أنا أريد أن يسجن هذا البلطجي لا الطفل 15 عام يعامل فيها معاملة المجرمين المنبوذين من المجتمع ولا يعدم فالموت رحمة وراحة لمثل هؤلاء الذين لا يراعون حرمة الدماء.

ويكفي أنه سيحرم من كل ألوان التمتع بالحياة التي يحلم بها كل من في سنه لـ 15 عام متتالية ستمر عليه كأنه قرون لا تنتهي.

5475 يوم متتالي سيحرم راجح من السهر مع أصدقاءه، والتنزه على الشواطيء، وعناق أمه، والسلام على أبيه، وعيش قصة حب جميلة تكون نهايتها الخطوبة والزواج ثم الأطفال.

131 ألف و 400 ساعة سيجلسهم محمد راجح منتظرا ساعة الإفراج عنه، سيحسبهم بالساعات ثم بالدقائق ثم بالثواني حتى يتخلص من قيوده على أمل أن يعود إلى حياته من جديد رجلا في الثلاثة والثلاثين من عمره متوقعا أن يعوض كل ثانية عاشها في سجنه رغم أنه سيعلم جيدا من المجرمين الذين على شاكلته أن الثواني التي تضيع لا تعود أبدا.

سيفوت راجح في هذه السنوات الطويلة لحظات سعادة تمر بها أسرته ولحظات حزن وضعف سيعيشون فيها بسببه.

لو لديه أخ أو أخت لن يستطيع حضور زفافهم إن استطاعوا الزواج بعد فضيحة شقيقهم الكبرى التي تجعل الجميع يبعد عن تلك الأسرة كلها، ولو قدر الله أن يميت أبيه أو أمه لن يستمتع بأخر نظرة في وجههم كي يودعهم إلى مثواهم الأخير وسيظل يلعن نفسه طوال عمره لأنه لم يكن معهم فيما هو متبقى من حياتهم.

سيظل لأكثر من 7 مليون و884 ألف دقيقة يتحرك في مربع بسيط ينام فيه؛ سعته شبر وقبضة فقط، لا يستطيع أن يتقلب في نومه كما يشاء، وسيكون حصوله على “دش ساقع” في عز الحر، و”دش دافيء” في عز الشتاء مجرد أماني صعبة المنال، وما هو أصعب منها الحصول على وجبة ساخنة أو فنجال قهوة مضبوط، أو حتى الجلوس كما يشاء في الحمام ليفعل كما يفعل كل الناس.

ستمر الثواني والساعات والأيام والأسابيع والشهور والسنوات على راجح في سجنه وهو يشعر في كل لحظة بلعنات محمود البنا الذي سيطارده في أحلامه ويقتله كل يوم انتقاما لنفسه ليصحى مفزوعا يتحسس جسده من الطعنات التي سيتلقاها من الشهيد وهو يشعر بها وكأنها حقيقة، ليتمنى هو بنفسه أن يموت فقط ليتخلص من تلك الكوابيس.

قد يأتي اليوم الذي يخرج فيه محمد راجح إلى العالم مرة أخرى ليحقق أحلامه التي كتبها في كتب أثناء فترة سجنه حتى لا ينساها عندما يخرج ويحققها جميعا فيما تبقى من عمره ولكن وقت خروجه سيجد أكثر من 100 مليون مصري يمقتونه يرفضونه ينبذونه لا يريدون التعامل معه لا يريدونه زوجا لبناتهم ولا يريدونه جزء من أعمالهم، حتى أصدقاءه سيتبرأون منه حتى لا تصيبهم لعنات، حتى عائلته الكبيرة لن ترضى بأن يكون جزء منها من جديد، سيخرج  من سجنه الصغير إلى سجن أكبر تلاحقه فيه اللعنات والنبذ والرفض.

أتريدون إعدام محمد راجح الآن؟.. أتريدون له الراحة؟.. أتريدون له أن ينال عقابه في الدنيا كما يجب أن يكون قبل أن ينال عقاب أكبر في الآخرة؟.. لا لإعدام محمد راجح ونعم كي يعيش ويسجن ويشعر بمرارة ما فعل ثم يخرج ويعاني أكثر، فلو تبقى لديه القليل من الدماء سينتحر ويقتل نفسه بنفسه بعد أن كتب اسمه في أقذر كتب التاريخ التي تتحدث عن القتلة والمجرمين والتي هي أشبه بسجلات العار التي لا تمحى أبدا.

الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق