غير مصنف

الكاتب والباحث “محمد جاد الزغبي” يروي قصته الثقافية داخل شركة بتروتريد.. حوار

الدكتور محمد جاد الزغبي الباحث في الفكر السياسي اعتدنا منه عبر مشواره الإعلامى إضافات علمية وتحليل منهجى فى التاريخ الإسلامى والمعاصر ..
وذلك عبر رحلة عمر ممتدة عبر 26 كتابا وديوانى شعر بالإضافة لعشرات المقالات واللقاءات الإعلامية بالقنوات الفضائية المتخصصة فى مكافحة المد الشيعي والنشاط الإيرانى ..
صدر أول دواوينه الشعرية بعنوان ( التراتيل الأولى ) عام 2000 , والديوان الثانى صدر منذ أشهر بعنوان ( أحقا قد مضت عشرون عاما ) , وبدأ الكتابة بالصحف فى عام 98 ثم انتقل للكتابة والتحليل السياسي بالمواقع البحثية على الإنترنت والمجلات المتخصصة منذ عام 2004 م , وصدر أول كتبه فى عام 2008 بعنوان ( المناظرة الكبري مع الشيعة الإثناعشرية ) ليقدم بعدها فى المجمل 26 كتابا معظمهم في التاريخ الدينى والسياسي وتحليل نشاط الجماعات المتطرفة , بالإضافة إلى كتبه فى مجال الدفاع عن التاريخ العسكري المصري الذى أخرج فيه مؤخرا كتابه ( السطر الأخير فى ملف أشرف مروان ) عن دار غراب للنشر والتوزيع وهو الكتاب الذى خصصه الزغبي لإبراز القصة الحقيقية للبطل الراحل أشرف مروان والرد بالوثائق على اتهامات جهات خارجية وداخلية نشرت الشائعات حوله , وقد دار في الكتاب مناظرة بينه وبين المحلل الإسرائيلي أهارون بريجمان أول من وجه الإتهامات لأشرف مروان بالعمالة لإسرائيل ثم تراجع بريجمان عن ذلك لينقلب للدفاع عن أشرف مروان , وقد حاوره الزغبي عبر الإيميل ونشر الحوار في كتابه ليفضح بريجمان فى الحوار أن تسريب الإتهامات الإسرائيلية ضد مروان كان متعمدا بهدف إجباره على الكلام عن حقيقة دوره فى حرب أكتوبر ..

ما لم نكن نعلمه أن الدكتور الزغبي يعمل بقطاع البترول بشركة بتروتريد منذ وقت طويل , ومؤخرا قامت الشركة باستثمار نشاطه الإعلامى عبر ضمه لإدارة العلاقات العامة والإعلام ليقدم فيها تجربة جديدة لما يمكن أن تساهم به شركات قطاع البترول فى المجال التوعوى والثقافي على غرار ما تقوم به شركات البترول العالمية مثل شركة ( أرامكو ) العملاقة التى تصدر مجلة ثقافية مميزة بعنوان ( القافلة ) , وكذلك الشركة القابضة ( إيجاس ) التى أصدرت مجلة صحفية منوعة ومحترفة بعنوان شباب البترول برياسة تحرير الصحفي الكبير صلاح منتصر
وكان لنا معه هذا الحوار حول هذا الموضوع ..

* في البداية كيف ترى دور الشركات والمؤسسات الذى ينبغي أن يساهم في المجال الثقافي ؟
أهلا بك أستاذ أحمد .. وشكرا جزيلا لتقديرك ..
نشر الثقافة المجتمعية والإهتمام بها لا يقوم فى أى دولة على أكتاف وزارة مسئولة فقط أو حتى فى روابط واتحادات الكتاب وحدهم بل هى واجب عام على المجتمع ككل , فالثقافة كما قلت فى أحد مقالاتى أنها أصبحت مسألة أمن قومى منذ منتصف القرن العشرين , بعد أن انتشرت وسائل النشر والإعلام وأصبحت السطوة الإعلامية المتقدمة بسرعة مذهلة لها السيطرة الأولى فى توجيه الرأى العام ..
ومع دخول عصر الإنترنت نعانى كمجتمع عربي فى العموم من سهولة انتشار الخرافات والمعلومات المغلوطة في كافة المجالات بداية من الطب ووصولا للتاريخ والعقيدة , لا سيما بعد فتور الإهتمام بالكتب والبحث والدراسة التى كانت ميزة عدد كبير من شباب الأجيال الماضية , والموضوع يصبح كارثيا فى الأوقات الحرجة التى تمر بها أى بلد حيث يسهل نشر الشائعات والتجهيل المتعمد لضعف الجهد المبذول في نشر الثقافة السليمة
والثقافة فى الغرب صناعة وليست مجرد مجال يهتم به المثقفون والمفكرون وحدهم ومن أهم واجبات المجتمع المدنى والصناعي القيام بدور ما في نشر الوعى الثقافي فالأمر هناك لا يقتصر على أصحاب الصناعة وحدهم كدور النشر والصحف ومؤسسات الإعلام بل هو دور متكامل حتى للمؤسسات الإستثمارية والصناعية التى ترعي المواهب من كافة المجالات ..
والمأساة الحقيقية أن العالم العربي يركز فقط على الإهتمام بمجالات محددة في المواهب الغنائية والرياضية بينما ينعدم الإهتمام بالمجال الأخطر وهو الثقافة والفكر والأدب , رغم أن هذه المجالات لا تكلف شيئا تقريبا بالمقارنة بتكاليف المجالات الأخرى

* كيف يمكن تفعيل هذا الإهتمام من المؤسسات العمالية ؟
يتم ذلك بطريقين ..
الأول عن طريق النقابات العمالية التى ينبغي أن يكون من بين لجانها الفاعلة لجنة للثقافة والإعلام مبنية على جهد المتخصصين ,
والثانى : عن طريق المؤسسات نفسها التى تحتوى بالفعل على إدارات متخصصة للعلاقات العامة وللإعلام , حيث أن هذه الإدارات فى الأعم الأغلب تركز على الأنشطة الرياضية والخدمات الإجتماعية , بينما فن العلاقات العامة وفنون الإعلام كمجال متخصص إنما يركز على إدارة الأزمات ورفع المستوى الفكرى للعاملين وتحسين الصورة الذهنية للمؤسسات فى نطاق العاملين وفى المجتمع أيضا
ورغم أن معظم المؤسسات والهيئات تصدر عددا من المطبوعات والمجلات إلا أنها مطبوعات تخصصية تعالج فقط نطاق التخصص وهو ما يعنى أنها نشرات خاصة بمجال المؤسسة , بينما المطلوب تفعيل دور المجلات الثقافية واحتواء مواهب العاملين فيها فضلا على تفعيل النشاط الثقافي في الندوات وأندية الأدب ,
ولو أن كل مؤسسة قامت بهذا الدور فى نطاقها الداخلى لكان هذا كفيلا بخلق حركة ثقافية خرافية فى المجتمع ككل ..

* كيف بدأت فكرة المجلة الثقافية المطبوعة والنشاط الثقافي عموما في شركة مثل بتروتريد يتركز نشاطها في مجال المحاسبة ؟
شركة بتروتريد من أنشط شركات القطاع في هذا المجال رغم أن تجربتها لم تتم تغطيتها إعلاميا , وفى الواقع أن الفضل فى ذلك يتم عن طريق حماسة القيادات نفسها , فعندما التحقت للعمل بشركة بتروتريد عام 2004 ولم تكن الشركة قد توسعت بعدد موظفيها وفروعها على النحو الحادث الآن , ولكن كانت إدارة العلاقات العامة والإعلام تحت قيادة كادرين من أفضل الكوادر التى تجيد استثمار الإمكانيات المتاحة فى خلق نشاط فعال في المجال الثقافي وهما الأستاذ الراحل أحمد بدوى مدير عام الإدارة , والأستاذة ميرفت كامل المدير التنفيذى الحالى للإدارة ..
وقد دخلت شركة بتروتريد تحت قيادتهما في المجال الفنى بعروض مسرحية متميزة , وكذلك فى المجال الثقافي بفكرة نادى الأدب لمواهب الموظفين من أبناء الشركة ومجلة ثقافية داخلية تعتمد على المواهب أيضا فضلا على إقامتهم عدد ضخم من الندوات الثقافية والتفاعلية فى المجالات التى يهتم بها العاملون وقد شرفت بالمساهمة فى هذا النشاط فى وقتها فى غضون عام 2008 تقريبا
ثم توقف هذا النشاط نسبيا لفترة طويلة حتى تولى الأستاذ عاطف جابر مسئولية الإدارة , وعبر عن رغبته بإعادة إحياء المجلة الخاصة بالشركة ولكن على أسس الإحتراف وبالشكل الذى قدمته شركة إيجاس فى مجلتها الرائعة ( شباب البترول ) التى صدرت برياسة تحرير العملاقين صلاح منتصر وصلاح قبضايا ..
وشرفت بأن تم تكليفي برياسة تحرير المجلة , وكانت الفكرة الأساسية التى تم تنفيذها في التجربة هى إصدار مجلة ثقافية على أسس صحفية محترفة تعتمد فقط على أبناء الشركة بداية من فنون التحرير والكتابة ووصولا إلى المجال الفنى والجرافيك بحيث لا تتحمل الشركة أعباء مادية في إصدار المجلة ..
ولأن بتروتريد تحتوى تقريبا على 16000 موظف , فكان من الطبيعي أن يشمل هذا العدد الضخم محترفون فى شتى المجالات , وبالفعل تقدم للعمل بالمجلة صحفيون نقابيون يمارسون عملهم الإعلامى فعليا دون أن تستثمر الشركة قدراتهم , وكذلك في مجال التصميم الصحفي وإدارة الإعلانات , وهو ما جعل صدور العدد الأول إيذانا بتجربة أعتبرها من أفضل تجارب المجلات الثقافية العمالية الآن

* هل تعتبر المجلة دورية أم شهرية , وهل لها مصادر تمويل ؟
المجلة دورية ويتم توزيعها داخل نطاق الشركة ولبعض الشخصيات العامة , وصدر العدد التجريبي لها منذ عدة أشهر , وعندما تولى الدكتور وسيم وهدان رياسة مجلس إدارة الشركة اجتمع بفريق المجلة واستمع لكافة أفكارنا وكان مما أسعدنى حقيقة أنه شجع هذه الخطوة وطالبنا بإيجاد مصادر لتمويلها بحيث تصبح مشروعا متكاملا دائما .. كما أنه ساعدنا فى تأسيس إدارة إعلانات المجلة ومخاطبة المؤسسات الراغبة فى تمويل إعلانات الإصدارات اعتمادا على أن الشركة تستهدف عددا ضخما من الموظفين فضلا على أن شركة بتروتريد ليست جديدة فى مجال الإعلانات التى تعتبر أحد أهم مصادر دخل الشركة ..
وحاليا نحن فى طور إعداد العدد الثانى من المجلة بنفس الخطة المطروحة وهى الإعتماد على كوادر الشركة الإعلامية , وأيضا الحرص على أن تكون مجلة بتروتريد مجلة غير متخصصة بل مجلة ثقافية تساهم فى رفع الوعي العام للقراء , خاصة وقد حرصنا كفريق عمل على أن تكون الموضوعات المنشورة إبداعية بالكامل تعتمد على جهد كتابها وعلى صحة مصدر المعلومة قبل النشر ..

* ما هو الفارق في التجربة بين طبيعة مجلة بتروتريد والمجلات الداخلية التى تصدرها الشركات والمؤسسات العامة ؟
الفارق الرئيسي أنها ليست مجلة متخصصة أو حصرية لأخبار الشركة بل نافذة للوعى الثقافي في شتى مجالات المعرفة وأنوى استئذان مجلس الإدارة لعقد اتفاق توأمة مع بعض الصحف المعروفة لتكون المجلة مصدرا لأخبار الشركة فى الصحف مما يساعد في نشر التجربة

* ما هى السياسة التحريرية التى تعتمد عليها المجلة ؟
كما قلت في البداية أن كافة مشاكلنا كمجتمع عموما فى الوقت الراهن إنما يعود لثقافة الإستسهال ونشر الجهل بدلا من العلم , ومواقع التواصل الإجتماعي خير شاهد على ذلك فنطالع في كل يوم تقريبا منشورات فى كافة المجالات تحتوى عشرات الكوارث المعرفية ووصل الأمر لتزوير أحداث ووقائع تاريخية لا خلاف عليها ..
والأمر فى مصر بالذات زاد عن حده , حيث نشرت شبكة بي بي سي مؤخرا تقريرا أعدته إحدى مؤسسات الرقابة الإعلامية الأمريكية كانت نتيجته أن أمريكا هى أكثر المصادر للمنشورات المزورة على الفيس بوك ومصر هى أكثر البلاد تصديقا وترويجا لها ..
ومن هذا المنطلق فقد ركزت في المجلة على تتوع الموضوعات التى تقوم بتصحيح المفاهيم والمعلومات وإبراز المصادر الأصلية فى تلك المعلومات وتوجيه القارئ إلى كيفية البحث والتحرى عن حقيقة أى معلومة مدسوسة لا سيما وأن مصر تتعرض لحرب شائعات مريرة منذ سنوات طويلة , وكل هذا فى إطار الضوابط الوظيفية التى يحددها لنا مجلس الإدارة كمجلة خاصة وليست صحيفة عامة

* هل تم إعادة الإهتمام بالنشاط الثقافي عموما بالشركة أم اقتصر الأمر على المجلة الثقافية ؟
السياسة التى يتبعها الدكتور وسيم وهدان سياسة مثمرة جدا حيث يعتمد على استثمار الطاقة الإبداعية لأى موظف في كافة مجالات العمل , ويفتح الباب لتشجيع أى أفكار إبتكارية تساهم فى رفع إجادة العمل حيث أعلن أن كل فكرة سيتقدم بها أى موظف تساهم فى رفع دخل الشركة أو تحسين مستوى الأداء سيتم تنفيذها ومكافأة مبتكرها ..
وهو الأمر الذى انعكس إيجابيا على عمل الجميع ومنهم إدارة العلاقات العامة حيث نفذت الإدارة منذ عدة أشهر برنامجا تدريبيا متميزا لتدريب العاملين بالإدارة على فنون العلاقات العامة والإعلام فى المركز التدريبي التابع للشركة ..
وسر تميز هذا التدريب أنه أيضا تم بالجهود الذاتية لأبناء الشركة المتخصصين فى المجال وفى المركز التدريبي التابع للشركة أيضا , حيث قمت بالمشاركة مع زملائي فى المركز بإلقاء المحاضرات على فنون العلاقات العامة التى تكونت من عنصرين ..
العنصر الأول : وهو تدريب العاملين بالإدارة على فنيات العمل والبرامج الخاصة بعمل الإدارة وقام بالتدريب أقدم وأكفأ ثلاثة موظفين بالإدارة المركزية ..
والعنصر الثانى : وهو الجانب النظرى والثقافي في فنون العلاقات العامة وشرفت بالمشاركة فيه مع زملائي من المدربين المعتمدين أيضا في مجال العلاقات العامة ..
فالشئ المشجع فى الشركة أنها تمتلك اكتفاء ذاتيا من الكفاءات فى معظم مجالات عملها , وهذه الكفاءات كما قلت تمارس عملها فعليا بشكل محترف خارج إطار عملهم الوظيفي بالشركة ولا نحتاج إلا لإستثمار جهودهم بشكل صحيح بعيدا عن تعقيدات الروتين الوظيفي , وهو ما ينفذه بالفعل السيد رئيس مجلس الإدارة وأنتهز الفرصة لتوجيه التحية له على ذلك.

هل تتوقع تعميم تجربة مجلة بتروتريد داخل قطاع البترول والمؤسسات العامة ؟

أنا أقوم بعملى وفق مكانى الوظيفي داخل الشركة وليس لى القدرة على التنبؤ بذلك من عدمه , لكن لو أردت رأيي ككاتب فأنا أضم صوتى لصوت اتحاد الكتاب المصري وصوت عدد كبير من المثقفين البارزين الذين نادوا بأن يكون للقطاع دور فاعل في الشأن الثقافي لا سيما مع توفر الإمكانيات التى تكفل للقطاع أن يحدث رواجا غير مسبوق في سوق النشر عن طريق فكرة مثل معارض الكتب المحدودة للعاملين بالقطاع وتقسيط أثمانها جريا على أسلوب تسويق السلع المعمرة مثلا , وأيضا عن طريق تبنى المواهب الحقيقية للكتابة داخل القطاع ونشر أعمالهم وهو ما يتفق مع سياسة الوزارة التى أعلنها السيد الوزير في أكثر من مناسبة الخاصة بتفعيل دور الشباب والكفاءات المختلفة , إلى غير ذلك من الأفكار سهلة التنفيذ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق