غير مصنف

هرم التعلم والتعليم د. عبدالله المفرجي

هرم التعلم والتعليم

هرم التعلم والتعليم د. عبدالله بن سليمان بن عبالله المفرجي
كل نظام تعليمي يهدف إلى نشر مظلة المعرفة لدى المتعلمين بطريقة محبة وسهلة، لبناء أجيال واعدة مؤهلة بشكل جيد للحياة في المستقبل المشرق، وكل معلم ينشد إلى أن يكون متميزا في عمله وفى أدائه مع تلاميذه، ومن ملامح ذلك أن يرى ثمار جهده وبذله واضحة جلية في المتعلمين لديه، وذلك لن يتحقق إلا من خلال علاقة تفاعلية قوامها ممارسات تدفع إلى تنشيط بيئة التعلم، وتحقيق تعلم نشط، ولعل هذا من حرص كل معلم على أن يؤدى أدواره المختلفة في بيئته التعليمية، ومن هنا وجب علينا توجيه عدة رسائل لكل معلم هدفها العام يتمثل في إكسابه روح المبادرة نحو التميز في مهاراته التدريسية، ولدى القيادة التربوية الحديثة في اكتساب مهارات تفعيل تلك الفرصة الذهبية في المواقف التعليمية المختلفة، وقد بات من الضروري بمكان الخروج من الطور التقليدي إلى الطور الحديث، فمن الملاحظ أن ما يحدث في مؤسستنا التعلمية غالبا منصبا على الاهتمام بالمحتوى دون اهتمام بتطوير ما يلي:
1- الأهداف التعليمية غالبا ما تكون الأهداف أن يعرف الطالب أو يفهم كذا وكذا ليس المطلوب المعرفة والفهم في القرن الحادي والعشرين فقط، فهذه أدني مستويات أهداف التعلم والتعليم، لماذا لا تكون الأهداف أن يطبق، يقارن، يحلل يكتشف، يقوم، يستنتج. وهذا ما أشار إليه هرم بلوم المعروف في الأوساط التربوية، والذي أوضح فيه بأن عمليات التعليم تبدأ بالتذكر والفهم لتنتقل للتطبيق والتركيب والتحليل والتقويم، فالاستمرار على التركيز على المستويين الأوليين سوف يخلق طلابا غير مستقلين عن المقرر الدراسي والمعلم وغير قادرين على التعلم الذاتي ومواكبة ركب الحضارة المتسارعة والتأقلم مع مستجدات الحياة وتقلبات العصر الهائلة التي تنتظرهم في المستقبل القريب قبل البعيد. فبداية نجاح العملية التعليمية مرهون بمدى ارتباطها بتحقيق متطلبات المجتمع وملائمتها مع طبيعة المتعلمين وميولهم واتجاهاتهم ورغباتهم، وتعد تلك الخطوة من أوليات تجديد الثقافة العربية -اليوم- والتي تحتم علينا ضرورة التحول من ثقافة الذاكرة والحفظ إلى ثقافة الإبداع والابتكار. ويفرض ذلك التحول العديد من المتطلبات الضرورية التي ينبغي توافرها لكي يتم ذلك، ومن أهمها إصلاح التعليم وتطوير مناهجه الدراسية لكي يحقق أهداف التحول من ثقافة الذاكرة والحفظ السائدة اليوم إلى ثقافة الإبداع والابتكار التي تتفق ومتطلبات طبيعة عصر المعرفة والمعلومات الذي نعيشه اليوم.
٢ – هيمنة التقنيات الحديثة مفاصل الحياة المعاصرة، وغيرت من أساليبنا في الشراب والأكل، والتواصل، الصناعة والتنقل والزراعة…، بيد أن طرق التدريس لا زالت بالية في قوامها العام وتعتمد على المحاضرة فقط، في حين أضحى المتعلم يطلب من أستاذه أن يحاوره ويفتح معه قنوات التواصل والاقناع، بأسلوب شائق وممتع يجعله فاعلا في العملية التعليمية، بل أصبح العالم الآن متجها نحو التعليم التفاعلي النشط والتعليم التعاوني والتشاركي والتعليم بالاكتشاف والتعليم عن طريق عقود التعلم والتعليم عن طريق استخدام السقالات التعليمية (الويب كويست) والتي يكون الطالب فيها فاعلا في بيئة التعلم لا متلقيا سلبيا.
٣- تخفق بعض المؤسسات التعلمية في بناء المنظمات المتعلمة داخل المؤسسة التعليمية الأكاديمية، فكم هي جلسات العصف الذهني اليومية بين موظفيها لتبادل الأفكار الإبداعية مع الأقران، وكم هي القرارات الصاعدة الجديدة اليومية والتي تكون نابعة من العاملين فيها، لا هابطة عليها كالسيل المنهمر المدرار، وكيف تم صياغة رسالة المؤسسة ورسالتها هل هي بناء على تطورات القادة التربويين أما هي تعاون مشتركة بين فرق العمل جميعهم معها، وكم هي عدد برامج الإنماء المهني التي يلحق بها الموظفون والمعلمون والمحاصرون، وكم هي عدد الأبحاث العلمية المحكمة التي ينشرها المحاضرون أو تلك التي يشارك فيها في الندوات والملتقيات العلمية التي يشارك فيها هؤلاء والتي تنطلق من بيئة العمل في معرفة الكفايات التدريبية لا ارتجال وخبط عشواء.
٤- كم عدد الدورات التدريبية المجانية والمدفوعة التي تقدمها مؤسستنا التربوية للطلبة لتنمية مهارات الحياة (المهارات الناعمة) كمهارة التعلم الذات، ومهارات التفكير الإبداعي، ومهارة التواصل مع الآخرين والإقناع، ومهارات الاستذكار والنجاح الدراسي، ومهارات المحافظة على الصحة الجسدية، ومهارة البحث العلمي، ومهارات ذاتية أخرى ك(مهارة حل المشكلات، ضبط الذات، تنظيم الوقت، التعامل مع الحزن والفرح).
الوضع الحالي في بعض المستويات ورش ومحاضرات في موضوعات تعب طلابنا منها لتكرارها وعدم ملامستها للوقائع وتناغمها مع تطلعات وميول واتجاهات متعلمينا، والعالم يتجه لتعليم المهارات لا حشو الأدمغة بالمعارف والمعلومات والتي يمكن أن يتحصل عليها الطالب عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. فأي نفع يرجى من نظام تعليمي يعلم المعارف الجامدة دون المهارات الأساسية التي يحتاجها المتعلم في محيطه الواقعي العملي، وهذا المنحى من السلوك هنا سوف يدخله في دهاليز مظلمة، وسوف تقف بينه وبين موقعه من الإعراب في عالم محفوف بالمخاطر والتقلبات، فقد يظل حبيسا لذاته منزويا على نفسه، يسبقه أقرانه أشواطا لعدم قدرته على التخاطب والتواصل والتأقلم مع الظروف والمحيطين به وتنمية قدراته المعرفية والتفكيرية.
٥ – طرق تصميم الاختبارات التحصيلية وطرق تقويم الطالب لازالت تقليدية في محيطنا التربوي، أين تطوير طرق بناء وتنويع الاختبارات، وأساليب التقويم المختلفة، أين توظيف وسائل تعزيز المتعلم وطرق تقديم التغذية الراجعة الفورية والمباشرة، أين طرق التدريس الحديثة المبتكرة التي تستخدم المنظمات البصرية والثقافة البصرية، وتنسجم مع أنماط المتعلمين الثلاثة السمعي والبصري والحسي، أين تفعيل نظرية الذكاءات المتعددة الثمانية، دائما ما نخاطب نوعا واحدا من المتعلمين. يقول ألبرت أينشتاين: “كل إنسان هو عبقري بشكل او بآخر المشكلة أننا نحكم على الجميع من خلال مقياس واحد ، فمثلاً لو قيمنا سمكة من خلال مهاراتها في تسلق شجرة ستمضي السمكة بقية حياتها معتقدة أنها غبية”.
٦ أين الأنشطة التعليمية التفاعلية في المواقف التعليمية المختلفة، بما يخدم العملية التعليمية ويسهم في سرعة إيصال الفكرة والمعرفة والمعلومة بطريق سريعة ويجعلها أكثر رسوخا كالجبال الرواسي. فلم يعد التعلم قاصرا على حدود التلقي داخل فصول الدراسة، للمعلومات والمعارف، كما لم يعد الانصات والاستماع داخل جدران فصول المؤسسات الأكاديمية، كفيلا بالتعلم فقط، بل أضحت طرقا توائم الحياة العصرية.
٧- أين تشجيع بناء الجمعيات والفرق داخل كيان المؤسسة التربوية لصقل مواهب المتعلمين وبناء معارف وقيم لا تنسى. في جامعة السلطان قابوس لا تجد لا يمر يوم إلا ويكون هناك ورشة تدريبية وملتقيات مدفوعة ومجانية من تنظيم فرق تطوعية بالجامعة. كيف يتمرن طلابنا على العمل الجماعي والخدمة الاجتماعية والقيادة والإدارة، إذا لم يشجع أبناؤنا على التعليم بالاشتراك والذي يعني “ربط الموارد الثرية في الجامعات بالمشاكل الأخلاقية والأكثر إلحاحا اجتماعيا، وبأطفالنا، بمدراسنا، بمعلمينا، بمدننا. عما نحتاج له على المستوى الأكثر عمقا يتجاوز مجرد زيادة البرامج، حيث نحتاج إلى هدف أكبر، وإلى شعور أكبر بالرسالة، وضوح أكبر لتوجه حياة الأمة” [” [Saltmarsh and Zlotkowski,Higher Education and Democacy,22]]. ويقودنا هذا النوع من التعاون الإبداعي والخدمة المجتمعية إلى إعادة تعريف التعليم من زرع معلومات في عقول خاوية ثم طلب استعادتها في الاختبارات، ولنقرب الصورة أقرب كالمعلم الذي يحاول إدخال المعلومات (العملة المعدنية)، في رأس تلاميذه (ماكينة البيع)، ويخرج من تلك الآلة قالبا من الحلوى (نتيجة الاختبار)،طبعا هذا النموذج منتج آخر من مخلفات العصر الصناعي، ويشبه البعض ذلك بنظام صب وكب، المعلم يصب المعارف والمعلومات المجردة من روحها على الطالب والطالب يحفظها ويصبها في ورقة الاختبار وينساها بعد ذلك، ويعتبر ذلك أنموذجا قاصرا بمقارنته بغيره من النماذج القائمة على التعاون الإبداعي والذي يشترك فيه الجميع (طلبة ومدرسون، مجتمع محلي)، فيحدث هذا العمل تحولا شاملا ومثمرا.
٨-أين من يهتمون برفع مستوى الدافعية لدى المتعلمين. بطرق إبداعية واحترافية من خلال القراءة الواعية في هذا المجال، واستخدام أساليب التهيئة الحافزة عند بدء المحاضرة، أو تقديم الخبرة، مثل سرد قصص الناجحين والمميزين، وطرح الأسئلة السابرة التي تدفع إلى العصف الذهني، وتقديم العروض المثيرة للدهشة، والتي يتم تعزيزها بالمنظمات البصرية المختلفة ويستعمل فيها الثقافة البصرية المتنوعة والتي تساعدهم على حل ما يطرأ من مشكلات بأنفسهم.
٩-أين من يشجع طلابه ويحثهم على ممارسة مهارات الحياة المختلفة من خلال المناشط الصفية و اللاصفية كمهارة التعلم الذاتي والتفكير الإبداعي ما وراء المعرفة أو الإدراك وثقافة الحوار والنقد البناء واحترام الطرف الآخر بكل أريحية وتسامح. فالواقع يحتم علينا ضرورة تخطيط التعليم في إطار نمط التعليم الإبداعي في حل المشكلات؛ ومن الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها في تنظيم التعلم: استراتيجية جعل المألوف غريبا واستراتيجية جعل الغريب مألوفا.. وغيرها من استراتيجيات حل المشكلات، فالنجاح في الأعمال مستقبلا سوف يعتمد على العمل مع الطرف الآخر المخالف بروح الفريق الواحد المتعاون المتفاهم المتسامح المنسجم مع بعضه البعض، فوداعا لتقديس الإناء والدعوة إلى الفردية والانزواء مع الذات، فأجيالنا سوف يسعدون بالانتقال إلى عالم العمل التعاوني عبر فرق عمل مختلفة الثقافات والأعراق واللغات.
١٠-أين التطبيق العلمي لمخرجات استبانات التقييم المختلفة وأين لمية الإنسانية في التعامل مع الطلبة في البيئة التعليمية واستخدام طرق التدريس الحديثة المبتكرة وتوظيف لغة الحوار والتفاهم بين الحضارات والثقافات وأين استخدام طرق التعزيز والتغذية الراجعة الفورية والمباشرة للطلبة في بنودها المختلفة.
١١- أين التطوير والتحديث المستمر لتوصيف المقررات الدراسية والأهداف التعليمية بما ينسجم والانفجار المعرفي وفقه النوازل المختلفة.
١٢- أين الاهتمام بالتحول بالمؤسسة التعليمية لمؤسسة تعليمية بحثية بدلا من تلقين للمعارف والعلوم.
١٤- أين موقع مؤسستنا التعليمية في توظيف منجزات العلم والتقنيات الرقمية الحديثة وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة في التعليم. والتي تثير فضول وتشويق المتعلم، كمساعدته على اللعب المنظم، والتعامل مع تطبيقات الحاسوب، فتلك تسهم في زيادة دافعية المتعلم للتعلم، والاستمرار لتوظيف أقصى حد مكن لقدراته، مع دورها الفاعل في تنمية مهارات التعلم الذاتي والتفكير، وتنمح المتعلم القدرة على تحمل المسؤولية في عملية التعلم، وتنمي لديه الاستقلالية في التعلم، وتمنح القدرة على صياغة أهدافه التعليمية، بلغته الخاصة، والقدرة على مناقشتها مع أقرانه ومعلميه، وتحديد الاستراتيجيات الملائمة لتحقيقها على أرض الواقع. فالتقنية الرقمية تسللت بيوتنا بلا استئذان وأخذت تتحكم في أجيالنا من منبت الشعر إلى أخمص القدمين، لذا بات من الظلم الشنيع أن نستمر في إعداد أبنائنا بنفس طريقة إعداد آبائنا وأجدادنا ومعلمينا “لا تكرهوا أولادكم على آثاركم، فإنهم مخلوقين لزمان غير زمانكم”[المقولة ينسبها البعض للإمام على ابن أبي طالب، وكذلك نسبت إلى أفلاطون ـ كما في التذكرة الحمدونية نسبها بعضهم إلى سقراط، كالشهرستأني في الملل والنحل، وابن القيم في إغاثة اللهفان].
واعتقد أنه على عالمنا العربي أن يبدأ في تهيئة البيئة التعلمية لعالم التعليم العميق المعزز بالتكنولوجيا المتطورة. لمواكبة المد الجارف من المعرفة والمتدفق يوميا إلينا والذي كان سببه التقنيات الرقمية المتسارعة الحديثة، في ظل عدم القدرة على الإحاطة بهذه الطفرة المعرفية العملاقة وفي ظل وجود مصادر متنوعة ومختلفة كفيلة بتعليم أبنائنا غير مؤسستنا التربوية التقليدية، والذي يحتم علينا أن نوجههم نحو الانتقاء والاختيار المفيد والفعال من ببن تلك البدائل المعرفية المتعاظمة، والاتجاه نحو تعليم مهارات بدلا من معلومات ومعارف، والتي تمكنهم من عبور حدود الزمان والمكان، عوضا عن المعرفة والتي تولد وتموت بتغير الزمان والمكان، ويبقى منها العبرة والعظة والذكريات الجميلة أو المؤلمة.
١٥- أين موقعنا في تطبيق الممارسات العكسية (الزيارات الميدانية) بين المعلمين والمحاضرين ليتعلم بعضنا من بعض. ونتبادل الخبرات والتجارب والمعارف في إدارة الفصول الدراسية وطرق التدريس المبتكرة وأساليب التقويم المختلفة. وكذلك مع المؤسسات الأكاديمية في نطاق بلادنا وخارجها.
١٦- أين دور الإرشاد الطلابي الفاعل في المنظمات التعليمية ليقدم استشارات وحلول لمشكلات الطلبة الأكاديمية ويحميه من العشوائية والارتجال والتخبط، فكثيرا ما نسمع عن التوجيه والإرشاد في مؤسستنا التربوية، ولكن قليلا ما نجد تطبيقا حقيقي له فيها، فالتوجيه عبارة عن أية مساعدة أو معونة تمنح للمتعلم لتصحيح سلوكه بما يضمن تحقيق نموه ورضاه الشخصي والاجتماعي، فمن النادر أن يتمكن المتعلم في هذه السن من عمل اختياراته واتخاذ قراراته على أتم صورة وأفضل وجه دون مساعدة أو توجيهات ذوي الخبرة، ليتمكن من تجنب الأزمات والصعوبات التي يمكن أن تواجهه، والمتأمل لحال طائفة من غير المتوافقين في بيئتنا يدرك أنهم بحاجة ماسة إلى المزيد من التوجيه المناسب والملائم لسلوكهم واتجاهاتهم، حتى يتم انتشالهم من الانحراف ليس الأخلاقي فحسب بل والضعف في التحصيل الدراسي، وعدم الرغبة في التعلم.
١٧- ما دور الجامعات والكليات فيما بعد التخرج من عمل لقاءات وتواصل مع الخريج. وما هي نقاط التواصل بين جهات التوظيف والكلية لمعرفة ما ينبغي أن يتوفر لدى الخريج من مهارات صلبة وناعمة ليتم تزويدهم بها في مقاعد الدراسة، وأخذها في الحسبان أثناء تصميم المقررات الدراسية والاختبارات التحصيلية وفي بيئات التعليم في طرق التدريس والتدريب المناسب، لطمس الهوة والفجوة الحاصلة بين التعليم في الأوساط التربوية وبيئات العمل، وتفعيل ما يسمى باستراتيجية التعليم القائم على المشاريع وإتاحة الفرصة للطلاب للتطبيق العملي وعمل مشاريع عملية أثناء الدراسة كتطبيق للعلوم والمعارف.
١٨- أين الاهتمام بتشييد مجلة علمية محكمة في كل قسم أو كلية أو جامعة تستقطب وتستهوي الكتاب من مختلف أنحاء المعمورة، ورصد جوائز قيمة للمبدعين في المجالات البحثية المختلفة والابتكارات المتنوعة.
١٩-أين موقعنا في وضع معايير التقييم للأنشطة التعليمية والأبحاث القصيرة وأبحاث التخرج، ليكون عملنا منظما راقيا. وكم هم من يعملون على إتاحة تلك المعايير للطالب والمحاضر وإرسالها للطلبة كتغذية راجعة يستفيد منها في طريقه العلمي.
٢٠- أين موقعنا من وجود ممثلين من الطلبة والطالبات بنسبة من كل تخصص في اجتماعات مجلس الكليات والجامعات ومجالس التعليم العالي في كل قطر من أقطار عالمنا المترامي الأطراف، لنستفيد منهم ونعدهم للمستقبل، ليكونوا قادرين على صنع القرار. لا نعدهم ليكونوا منفذين فقط.(الديمقراطية في إدارة المؤسسة التربوية). الطلبة شركاء في نجاح العملية التعليمية. فالعمل الحقيقي للجامعة هو إطلاق القدرات القيادية لكل فرد، من ذلك تطلق جامعة ستيندن التي يدرس فيها أحد عشر ألف طالب في هولندا على نفسها جامعة قيادة وتعرف القادة على أنهم أناس “يتصرفون وفقا للمبادئ العالمية، ويتحملون المسؤولية، ويقدون الاختلافات لدى الناس، ويتعاونون تعاونا إبداعيا، ويعملون على تطوير أنفسهم” [كوفي، ستفين آر، البديل الثالث:253]، تقول ساندرة لوني: “نحن نبني بيوتا لنسكن بها أما الجامعات فهي بيوت للأفكار. نحن نبني جامعات لكي تسكن بها الأفكار”، فكيف يتم ترجمة تلك الرسالة في واقعنا إلى واقع عملي.
٢١-تفعيل دور مؤسسات الاعتماد الأكاديمي وعدم السماح بفتح برامج تعليمية جديدة إلا بعد تقديم تقرير اعتماد باستفاء الاشتراطات الفنية والأكاديمية الأزمة لمعايير الجودة التعليمية الشاملة، للبرامج الحالية.
عزيزي المعلم والتربوي إننا بحاجة ماسة إلى ميثاق قيمي يتغلغل في مناشطنا التعليمية، ومناهجنا بالشكل الذي يضمن لطلابنا التعليم المستمر والتعلم مدى الحياة، فنحن نعدهم للمواجهة المبكرة للتحديات والمصاعب التي سوف تقابلهم، وذلك بلا شك سيدربهم على صقل مهاراتهم وتنمية قدراتهم، في تناغم مستمر مع ضروريات الحياة، ومتطلبات المجتمع، لذلك فلا تعش عارضا نفسك للناس منتظرا من سيعجب بك فقيمتك ليست في الآخرين ..قيمتك بداخلك أنت !” فالثقة بالذات تحييك ملكا “. وقل للذين يعانون من حساسية مفرطة من الناجحين، فيشغلون أنفسهم بعرقلتهم، الزهرة لا تفكر بمنافسة الزهرة المجاورة لها.. هي فقط تزهر. فبدلا من أن تشغل نفسك بعرقلة خطى غيرك، أشغل نفسك بدفع خطاك مثله، فساحة المجد تتسع لكما جميعا. من ذلك يتحمل الورد قسوة أشواكه؛ لأنه لن يستطيعَ أن ينمو بدونه، فقليلٌ من الآلام تستحق التحمل، إنْ كانت النتيجة تستحق أكثر، فتحمل التعب ومشقة الطريق فخلف ذلك ينتظرك النجاح، وقل : العقبات التي نتخطاها اليوم هي الثمن الذي يجب علينا دفعه للحصول على النجاحات والإنجازات في الغد.
فمن المفارقة أنه لولا وجود التحدي والصراع لربما قد جلست في قائمة الفاشلين لولا هذين العاملين، لما استطعت تغيير حياة طلابك للتفوق والنجاح، باستخدامك لتلك الطرق الإبداعية الحديثة في التدريس، بابتكار البديل الرابح، وهو ما كان قدماء الإغريق يطلقون عليه مصطلح “قرنى المأزق”، فقد كان الأمر لديهم أشبه بمواجهة ثور مهاجم؛ فأي كان القرن الذي تمسكه فسوف يخترقك القرن الثاني لا محالة، وبذلك فكرت في بدائل تتجاوز الحدين المتطرفين الأزمة بصورة شبه ناجحة، فليس هناك أي استطلاع رأي يطرح أبدا احتمال عدم تميزك عن أقرانك ونجاحك بلا منافس، يقول علماء النفس إن الشرط الأول للشفاء والنمو هو الصدق أو الواقعية أو الانسجام. فقد أوقعت ضربة قوية للأزياء التقليدية، وكنت واعيا لما يقال عنك فأنت تعرف من أنت والله أعلم بحالك ونيتك ولم تلفت للخلف حينها كنت ستخسر ما لديك من قوة ومعارف، فقلت دعنا ننهض ونرتقي بأنفسنا، “إننا نريد أناسا لديهم الجرأة على النهوض للتحديات والرغبة في المبادرة باستمرار” [روبرت فينسترا].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق