حياة

العلاقات الشخصية بين زملاء العمل: مزايا وعيوب

العلاقات الشخصية بين زملاء العمل: مزايا وعيوب

اسأل طاهي المعجّنات رون بابروكي إذا كانت لديه مشكلة مع رئيسه في العمل، وسيجيب عليك بنعم، بلا تردّد ومن دون أن ترف له عين. كل هذا على رغم أن مديره الذي يحدّد حجم راتبه، والذي يمكنه طرده من العمل ساعة يشاء؛ يجلس بجواره مباشرة.

يقول بابروكي، “لا تعجبني طريقة بريت في إدارة الأمور”.

يقصد بذلك، بريت شسينكستز مدير مطعم جوثام بار آند غريل (Gotham Bar & Grill) الشهير في حي ويست فيلدج في نيويورك، المطعم الذي يُعِد ما يصل إلى 400 وجبة في اليوم الواحد.

“رون مزعج. يحاول أن يدير الأمور من موقع المتفرج”، يرد بريت بينما يضحكان. رون وبريت صديقان مقربان.

بالتأكيد يعلم الرجلان أن الحكمة السائدة تحذر من الخلط بين العمل والأمور الشخصية، لكنهما ضربا بالحذر عرض الحائط. تمضي عائلتاهما عيد الشكر وعيد الميلاد المعروف في إيطاليا بعيد “الأسماك السبعة” سوياً، وأصبح أولادهما أصدقاء، حتى أنهم يفكرون في أخذ عطلة عائلية معاً.

يضيف بريت، “كلانا يهتم بالآخر وبعائلته”.

لكن مهلاً، ألا توجد قواعد وقوانين بخصوص القرب الشديد بين زملاء العمل؟

لو أنها موجودة بالفعل، فإن معظم الناس لا يتبعونها. وجدت دراسة استقصائية أجراها موقع “لينكد إن” (LinkedIn) أن 95 في المئة من المحترفين في عملهم يعتقودن أن الصداقة بين الزملاء في العمل أمرٌ جيد، وأن 63 في المئة منهم يلتقون سوياً خارج أوقات العمل.

ليس هذا فحسب، بل وفقاً لبحث أجراه موقع “كارير بيلدر” (CareerBuilder)، قال 36 في المئة من الموظفين الذين شاركوا في الدراسة الاستقصائية أنهم واعَدوا زملاء لهم في العمل. ومن بين هؤلاء تزوج 31 في المئة في نهاية الأمر.

ووفقاً لدراسة استقصائية أخرى أجراها موقع نيزنيك Niznik، فإنه عندما يتعلق الأمر بالحفلات، قال 60 في المئة من الموظفين إن رؤساءهم المشرفين عليهم قبلوا مشاركتهم الشراب، إضافة إلى ذلك، رأى تقريباً 49 في المئة أن الشرب برفقة رئيسك في العمل سوف يحسن العلاقة بينكما، وأشار حوالى 24 في المئة إلى أن ذلك سيؤدي إلى تحسين فرص العمل.

مرحباً بك في أماكن العمل عام 2019، حيث أصبحت العلاقات الشخصية بين زملاء العمل هي القاعدة السائدة، وحتى العلاقات الغرامية المتبادلة لم تعد مرفوضة بالضرورة. في الواقع، لدى كثر من أرباب العمل سياسات خاصة بالمواعدة بين الزملاء، والتي تختلف من شركة إلى أخرى.

في الغالب، لا بأس بمواعدة زميل العمل، إلا أن بعض أرباب العمل بدأوا تطبيق قاعدة “موعد واحد”، والتي تنص على أنه إذا طلبت من أحد زملائك الخروج معك في موعد رومانسي ورفض ذلك، فلا يحق لك طلب ذلك مجدداً، بحسب ما قالت فانيسا ماتيس-ماكريدي، مساعدة المستشار العام ومستشارة الموارد البشرية (شؤون العاملين أو الموظفين) في موقع (Engage PEO).

تطلب شركات أخرى توقيع زملاء العمل المرتبطين عاطفياً على “عقد حب”، ويتأكد كل طرف من أن العلاقة بينهما توافقية قائمة على التراضي. بل يرحب بعض أرباب العمل بإقامة علاقات بين المديرين والموظفين، سواء كانت عاطفية أو مجرد صداقة، بشرط إبلاغ الطرف الأعلى رتبة وظيفية قسم الموارد البشرية لإجراء تعديلات، في حال اقتضى الأمر ذلك.

لا يعلم بريت ورون ما إذا كان زملاؤهما يعرفون أنهم صديقان مقربان أم لا، لكن ما نعرفه هو أن علاقتهما هي من النوع المعمول به في شركة (MayBank Tracker) الواقعة في بروكلين. ذاك الموقع الذي يعمل في إدارة الشؤون المالية الشخصية، والذي أخذ جميع موظفيه في رحلة إلى جزر الباهاماس قبل مدة. ونظمت بعض الأنشطة لبناء روح الفريق وتعزيز العمل الجماعي، ويعلق مايك واسرمان مدير عمليات الشركة قائلاً، “أردنا تخصيص وقت للجميع من أجل الخروج والاستمتاع سوياً”.

تخصص الشركة أيضاً وقتاً في نهاية المكالمات الجماعية الأسبوعية، ويمكن أن يتحدث المشاركون خلاله -إذا رغبوا في ذلك- حول ما يدور في حياتهم الشخصية خارج العمل. يقول واسرمان، “يمكنهم البوح قدر بما يشاؤون به”، مضيفاً أن الموظفين يمكنهم بالطبع طلب المشورة من الإدارة سواء في الأمور الشخصية أو المالية.

ترى ماريانا ستروندن، وهي معالجة نفسية مسجلة ومؤسسة عيادة Strong in Therapy، في حي آبر ويست سايد بمنهاتن، أن هذا النوع من العلاقات قد يكون عظيماً للغاية، أو قد يؤدي إلى تأزم الأمور أيضاً.

تقول ستروندن: “عادة ما يخلط أبناء جيل الألفية -الذين نشأوا وهم يعتبرون أن والديهم هم أصدقاؤهم المقربون- بين علاقات العمل وعلاقاتهم الاجتماعية وهواياتهم ويصبحون قريبين للغاية من زملائهم في العمل ورؤسائهم”، مشيرة إلى أنه نتيجة لذلك يواجهون صعوبة في وضع الحدود في هذه العلاقات.

ينطبق هذا الأمر تماماً على روبين تشين البالغة من العمر 25 سنة، وهي تعمل في العلاقات العامة في شركة Noon Creative، في حي سوهو بِنيويورك. تقول تشين متحدثة عن رئيستها في العمل، “كنا تقريباً نعرف كل شيء عن بعضنا بعضاً، وما يهتم به كل واحد منا، لذا كان من الصعب للغاية رفض أي خدمة تطلبها مني”، حتى في حال كانت خارج ساعات العمل أو لا تندرج في المهمات الوظيفية.

ربما يتسبب هذا الوضع في حدوث مشكلات، كما قالت سترُوندن، مضيفةً أنه في أماكن العمل التي يكون الاتصال فيها دائم بينك وبين زملائك، “قد تتكلم عن العمل في وقت ما ثم يتحول الموضوع إلى الحديث عن فيلم في اللحظة التالية مباشرة. ربما يقلل هذا الأمر من حساسية التسلسل الوظيفي في مكان العمل. لذا، عندما يظهر لك رئيسك جانبه الجاد، أو يُرقي شخصاً غيرك، يكون تقبل الأمر أصعب عليك.

وضعت تشارلي جافيس الحواجز من البداية في محاولة منها لمنع حدوث مثل هذه المشكلات. جافيس هي المؤسسة والمديرة التنفيذية لموقع Frank، وهو عبارة عن منصة على الإنترنت تهدف إلى تجديد فكرة التقدم لطلب معونة مالية من أجل الجامعة.

خلال ساعات العمل، يتواصل الموظفون في الشركة الواقعة في وسط المدينة عبر برنامج Slack، وتعمل هذه الأنظمة فقط بين الساعة 7 صباحاً و 10 مساءً. وفي حين أن جافيس لا تمانع تواصل الموظفين من الدرجة الوظيفية ذاتها، من خلال الرسائل النصية أو التقابل خارج العمل، إلا أنه يجب إبلاغها عند مشاركة المديرين، بخاصة عند اللقاء على انفراد مع مرؤوسيهم.

توضح ذلك قائلةً إنه عندما يتعلق الأمر بزملاء العمل، “من المهم التفكير بعمق في مسألة تكوين علاقة حميمية ومشاركة تفاصيل حياتك الشخصية”.

تقول أمينة الطايع مؤسسة موقع Healthy Business Coaching، “ربما سارت الأمور بشكل رائع مع رون وبريت، وهما خير مثال على نجاح الدمج بين الأمور الشخصية والمهنية في مكان العمل”.

وتردف: “توجد مزايا مشاركة المعلومات الشخصية مع رئيسك في العمل وهي أنه يستطيع فهمك بعمق، وقد يستفيد من المعلومات لمساعدتك في تطوير مهنة تتماشى مع قيمك ومواهبك والتأثير الذي تريد أن تحدثه في العالم”.

بقلم فرجينيا باكيتس

 

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock