مقالات

الخلافة…والمطامع البشرية

بقلم: خميس الجارحي

يعود تاريخ سقوط الخلافة إلى العام 1924 ، غير أنها في حقيقة الأمر قد سقطت قبل هذا التاريخ بكثير،منذ أن ضعفت الدولة العثمانية،ولقبت بالرجل المريض،وأخذت تسلم ولاياتها إلى الدول الأوربية،والبعض منها أصبح يتبعها اسما فقط.
وما أن سقطت الخلافةرسميا إلا وتأسست جماعة الإخوان بدعوى إعادة الخلافة،ودخلت في صراعات مع أنظمة دولتها ،وتشكل النظام الخاص،وعادت إلى الواجهة الاغتيالات السياسية،ثم انبثقت جماعات أخرى من فكر الجماعة لاسيما من تعلموا فكر التكفير داخل السجون من منظر الجماعة الأول، وأستاذ فكر التكفير في العصر الحديث سيد قطب،وعاد إلى الواجهة فكر الخوارج،مستغلا مصطلح الخلافة في جذب الأتباع،وتحقيق مصالح خاصة،فقدموا نموذجا مشوها منفرا للناس لا جاذبا لهم.
ومنذ سنوات قليلة،وفي زحمة الفتن المسماة زورا بالربيع العربي ظهر نموذجان يحاول كل منهما تحقيق أطماعه ممتطيا صهوة الخلافة،أولهما شارك في التحضير للفوضى ،بل كان من قادتها بشهادة أستاذه نجم الدين أربكان عنه عندما قال :إن أردوغان هو عميل الصهيو أمريكية لتحقيق الشرق الأوسط الجديد،لقد قدم أردوغان نفسه للغرب على أنه يستطيع أن يجمع تيارات الإسلام السياسي في دولة الخلافة الجديدة،فيكف شر جماعات العنف عن الغرب،ولا مانع للغرب في أن تقام خلافة جديدة تبيح الدعارة ،وترخص لها،وتعترف بحقوق المثليين،وتدافع عنها،فظهر كنموذج مفرط في ثوابت الأمة، لينال رضا الغرب في تحقيق أطماعه.
والنموذج الثاني نموذج ما يسمى بالدولة الإسلامية(داعش)امتطى مصطلح الخلافة ليحقق أطماعه،ويستطيع حشد الأتباع،وقد ظهر على النقيض من النموذج الأول ،فقدم الإسلام على أنه دين سفك الدماء،و قطع الرقاب،وحرق البشر أحياء،وعاد سبي النساء في القرن الواحد والعشرين ! وتوزيعهم على (المجاهدين).ولقد نال هذا النموذج دعم النموذج الأول في كثير من الفترات.بل وتحالف الفريقان في كثير من الأماكن،وقد رأينا جميعا كيف فتح مطار أسطنبول أمام الدواعش من كل مكان،وكيف استخدمتهم المخابرات التركية،وعملت على إدخالهم الأراضي السورية،بل كانت تهرب النفط السوري إلى تركيا من خلالهم.
وكما ظهر التحالف بين النموذجين في سوريا ،هاهو يظهر في ليبيا وينقل أردوغان ألاف المرتزقة والتكفيريين من داعش وجبهة النصرة والإخوان من سوريا واليمن إلى ليبيا،
وكما نجح في تخريب وتقسيم سوريا،هاهو يحاول أن يكرر ذلك في ليبيا،ولكن مصر لهم بالمرصاد بإذن الله.

ولاشك أن أعداء الأمة حققوا من خلال النموذجين أهدافا كثيرة،فخربت ديار المسلمين،وسفكت دماؤهم،وشردوا بالملايين ،وأصبحت بعض دولهم أثرا بعد عين،

وعلى الرغم أن النبي لم يطلق مصطلح الخلافة في الحديث إلا موصوفا بقوله على منهاج النبوة وهي فترة الخلفاء الراشدين والخلافة العائدة في أخر الزمان، وسمى ما دون ذلك ملكا عضوضا أو حكما جبريا ،إلا أننا اليوم أمام محاولات مستميتة لتزيف الوعي و اعتبار الملك العضوض خلافة يسعى الطامعون لامتطاطها بهدف احتلال بلاد العرب وتقسيمها.

وللأسف الشديد مازال النموذجان ينالان التأييد من بعض الأتباع المستفيدين،أو المغرر بهم والمخدوعين،ومازال مصطلح الخلافة يمتطيه الطامعون في السلطان ،

فهل يفيق المسلمون أم ننتظر عدوا للأمة يمتطي شعوبها بنفس المصطلح.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق