حواديت الساعة

حضور أوربي وافريقي بالملتقي العالمي للتصوف…و”القادرى”يوجه التحية لملك المغرب

رسالة المغرب: هناء عمرو

شهد الملتقي العالمي للتصوف في دورته الرابعة عشر، خلال يومه الاول، حضور طاغي من قبل مريدى واتباع الطريقة القادرية البودشيشية، خاصة من افريقيا واوربا، وتحدث المشاركون خلال الجلسة الافتتاحية عن الدور المحوري الذي تلعبه الطريقة القادرية البودشيشية خلال هذه الآونة، وكيف أنها استطاعت خلال فترة وجيزة الوصول إلي العالمية .

وناقش الحضور خلال الجلسة الأولى موضوع التصوف والتنمية “مداخل نظرية وتأصيلية”، حيث كان من بين المحاضرين والمشاركين د.محمد المصطفي عزام من جامعة محمد الخامس بالرباط، والدكتور حسام سباط عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية من لبنان، والدكتور محمد جمال ابوالهنود القادرى مستشار وزير الأوقاف الفلسطيني، والدكتور سيلمنار سارجوت من جامعة سهير باسطنبول والدكتور عبدالحفيظ دومر استاذ بجامعة محمد الاول بوجدة.

وتحدث الدكتور مولاي منير القادرى البودشيشى- مدير مؤسسة الملتقى، منسق عام الملتقى- موضحا أن شهر ربيع الأول ما أن يحل حتى تغشانا أنوار المصطفى فتحرك بواعث الشوق والاحتفال بالرحمة المهداة، خير الورى، لمدة أسبوع كامل بميلاد سيدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وإحياء لقيم الرحمة والمحبة والأخلاق الفاضلة للقائل: “إنما بُعثتُ لأُتمِّم مكارم الأخلاق” والقائل أيضا: “لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين، فى بلد السلام والتعايش والصلاح والصلحاء، وإنزال وتطبيق هذه القيم الإنسانية النبيلة على أرض الواقع فى حياة الناس، والتماس الحلول الناجعة لكل ما يواجه البشرية من تحديات ومشكلات.

وأشاد” القادرى”، بالرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، وما يوليه من عناية بالتصوف والصوفية، والتنويه بدورهم فى نشر إسلام الوسطية والاعتدال القائم على الرحمة والمحبة، حتى أضحى الملتقى مَعْلَمًا حضاريا ومحطة مرموقة ومنصَّة علمية كبرى لمختلف قارات العالم، لتعميق البحث والنظر فى الشأن الروحى خاصة والإنسانى عامة، فى ظل وسياق العولمة التى تكاد رياحها تعصف بالقيم الإنسانية.

وأشار “القادري” إلى الأهمية القصوى لموضوع التنمية المستدامة التى تحظى بالأولوية الكبرى، علميا وأكاديميا، ودور التصوف وإسهاماته فى تقديم المعالجات الناجعة لكل الإكراهات والتحديات، مؤكدا على العنصر البشرى باعتباره هو الأساس لكل فعل تنموى، محذرا من أن تهميشه وإبعاده يُزهق أى مشروع، وبدون أخلاق فلا تنمية تتحقق، فرغم التقدم التكنولوجى الهائل إلا أنه أهمل الأبعاد الروحية للإنسان وأدخله فى أنفاق مظلمة وأزمات نفسية وتدمير بيئى مفرط للثروات.

وأكد أن التنمية فى التراث الإسلامى مرتبطة وقائمة على صناعة الإنسان، وقد اطلع التصوف بدور كبير باعتباره من أكثر المكونات الدينية اختصاصا بهذا الجانب الإنمائى والبنائى والتأهيلى للإنسان، فقد أسهم بشكل كبير وفاعل فى الدينامية التنموية التى عرفتها الحضارة الإسلامية، وصناعة أجيال لهم إسهامات متميزة فى مجال التنمية بكل أنواعها، بما حملوه من فكر إيجابى، فما أحوج الإنسانية اليوم إلى هذا المكوِّن الروحى والأخلاقى بما يقدمه من ضمانات عملية لإنجاح المشاريع التنموية وفى طليعتها الصدق والإخلاص فى المعاملة، فضلا عما رسّخه التصوف من قيم المواطنة الصادقة والقيم الإحسانية وأثرها على النهضة التنموية الشاملة، من أجل بناء حضارة إنسانية راقية قائمة على التعايش والتعاون والسلم والأمنو الأمان، ونبذ كل أشكال العنف والتطرف والانحلال.

ولطالما أسهمت هذه القيم الأخلاقية والروحية التى دعا إليها التصوف فى صناعة رجال أسوياء فاعلين ومنخرطين فى مجتمعاتهم، مسلمة كانت أو غير مسلمة، فالصوفى دوما هو مصدر الخير والقيم والفضائل الإسلامية السامية التى هى قيم إنسانية كونية تنشد الرحمة والخير والمحبة والسلام للعالمين.

أضاف د. منير القادرى: ومن يُمن الطالع أن يتواكب الملتقى مع ذكرى المسيرة الخضراء، وانطلاق مشروع تنموى جديد أعطى انطلاقته صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذى ما فتئ يطلق المبادراة تلو الأخرى للنهوض بالقطاعات التنموية على اختلاف مجالاتها، ومن خلال هذا الملتقى نسعى لاستخلاص المعيقات والعقبات وفحص العلاقات الجدلية القائمة بين الإنسان والعمران فى المنظومة الإنمائية، وارتباط التصوف وما يمكن أن يقدمه من آفاق واعدة تعنى بقضايا التنمية.

وشهد الافتتاح عدة كلمات، فتحدثت د. سيمالنور سارجوت- المحاضرة بجامعة اسطانبول، بترجمة فورية من قبل د. فاضل نعمان- أستاذ اللسانيات بجامعة باجى مختار بعنابة الجزائرية- ثم د. إدريس الفاسى الفهرى- نائب رئيس جامعة القرويين- مؤكدا أن أفضل اشتمال على علوم التصوف هو معاملة العبد مع ربه ونفسه وغيره فى كل أموره الدنيوية والأخروية، فخير الناس أنفعهم للناس، والصوفية دائما يدلّون على هذا الباب، وكثير منهم المتجرّدين لأعمال الخير بجانب الذكر والعبادة والتنمية أيضا.

ووصف كبرى قدير الله- شيخ الطريقة القادرية بالسنغال- الملتقى بأنه عيد جديد تتجسد فيه معانى قوله تعالى: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”، وهو شهادة على أن الصوفية يحملون راية المحبة والسلام فى العالم، فالطريق ليس تشددا وأنما تخلّق وإحسان.

وأشاد الخبير فى الفكر الإسلامى وتاريخ الأديان د. فيكتور- بجامعة فبرا ببرشلونة- بجهود الطريقة البودشيشية المتفرد فى فهم التطور المعاصر للمشكلات الحياتية والسعى لإيجاد حلول ناجعة لها، وهذا هو النموذج الصوفى الرائد والمطلوب.

كما تحدث د. أبريس أوسيودو- من جامعة تكساس بالمكسيك- واستعرض المخرج “مدرك” فيلما تسجيليا عبَّر فيه عن المحبة والتسامح الموجود عن أهل التصوف حول العالم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق