مقالات

التفكير النظمي وتعليمنا! د. محمد بني هاني

التفكير النظمي وتعليمنا! د. محمد بني هاني

التفكير النظمي وتعليمنا! د. محمد بني هاني
من المنهجيات المعاصرة في التفكير والنظر الى الامور هي منهجية التفكير النظمي والذي يتضمن رؤية الاشياء بصورتها الكبيرة والواسعة والشاملة ثم العودة لفهمها من شموليتها الى أجزائها. وهذا ما هو معروف برؤية الغابة قبل الاشجار. هذه المنهجية في التفكير مغايرة لما تعلمناه ووظفه الغرب لاكثر من مئتي سنة بفهم الاشياء من خلال اخذ جزئية بسيطة منها ومحاولة فهمها ثم تعميمها على الكل. بما يتعلق بنتائج التوجيهي لهذا العام وفي النقاش على الفيس يغيب النقاش الشمولي ونركز على جزئية بسيطة الا وهي تضخم العلامات وتضخم نسبة النجاح ونحاول ان نفهم المشكلة. من الصعب برأيي ان نفهم هذه القضية في النظر فقط الى هذه النقطة، والأحرى بنا ان نركز على المنظومة التعليمية برمتها ونسأل اسئلة كثيرة قد تقودنا الى ان نفهم ان ما اثارته العلامات ليس بالأهمية التي يراها البعض.
من الصورة الشمولية والكبيرة هي الواقع العالمي للتعليم. التوجيهي لم يعد النظام التربوي الافضل والكثير من الدول تخلت عنه، وعلى سبيل المثال امريكا لا تعتمد هذا النظام وان كان عندها السات ولكنه غير مطلوب لكثير من الجامعات. ولكن وبالرغم من ذلك امريكا دولة ناجحة تقريباً بكل شيء حتى في كتابة القصة القصيرة والرواية، بناء الجسور وناطحات السحاب … وزراعة الحبوب.
ولكن نظامنا التعليمي يستنزف العائلات بالدروس الخصوصية وتقريبا ثلث طلاب الاردن يدرسون في مدارس خاصة، الاهل لا ينامون ومستقبل كل طفل العملي والنفسي على المحك بسبب هذا الامتحان.
من المفارقات ان الاردن فيها ما يقارب ٤ الاف شخص من حملة الدكتوراة يبحثون عن عمل، وياتي ترتيب الاردن على مستوى العالم في التعليم (٧٠)، وجامعاتنا لا تنافس عالمياً وليست من اول ٥٠٠ جامعة. يجب ان ننظر الى هذه الامور اولاً قبل ان نهتم كثيرا بعلامات التوجيهي.
من اكبر الإشكاليات التي نعانيها هي الصورة الذهنية في المجتمع الاردني ان الاهتمام بالتوجيهي والتشدد به يعني تعليم افضل. لماذا لا نفكر ان العكس ربما هو الصحيح، تماماً اننا بحاجة ان نخفف الاهتمام بهذا الامتحان اذا اردنا للتعليم ان يتطور ويتحسن وننافس على مستوى العالم؟ لاننا في هذا السيناريو عدم الاهتمام المبالغ فيه بالتوجيهي يدفعنا الى الاهتمام بالتعليم الحقيقي. هذا يعني تكاليف دراسية اقل، راحة نفسية اكبر للتلميذ واهله، وغالباً نتائج تعليمية افضل لانه ببساطة يصبح تعليم بدون توتر وبدون نتائج مفصلية تترتب عليها حياة الطالب واهله. قد يكون هناك بعض الايجابيات لهذا النظام انا غير مطلع عليها.
نحن بحاجة ماسة لان نبذل جهدنا في محاولة فهم معوقات تقدمنا في ظل امتحان نعتقد انه الافضل في العالم.
ولا بد ان نفكر بهذه الطريقة الشمولية لان جميع جوانب العملية التعليمية والنتائج المترتبة عليها مترابطة ومتداخلة وتشكل جسداً واحداً.

الوسوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق